عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب ومنهجه
ذياب عبد الكريم
بسم الله الرحمن الرحيم
تعددت الكتابات عن الإمام محمد بن محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لتؤكد أن دعوة الإمام هي دعوة الإسلام، دعوة السلف الصالح.. يمكن أن يتحدث عنها المؤرخ فيسهب، والأديب فيطنب، والعالم فيؤسس، والمربي فيقرب، وغيرهم.
كان - رحمه الله - على عقيدة السلف الصالح من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، وعقيدة أئمة السنة والهدى لم يخالفهم في شيء لا في باب أسماء الله وصفاته ولا في الإيمان والكفر، ولا في الوعد والوعيد والشفاعة، ولا في أمر من الأمور الغيبية، ولا في غيرها، ولا يكفر إلا من كفره الله ورسوله وكفره السلف الصالح واقتضى ذلك أصول أهل السنة ومنهجهم.
{وأما توحيد العبادة والألوهية فلا خلاف بين أهل الإسلام فيما قاله الشيخ، وثبت عنه من المعتقد الذي دعا إليه يوضح ذلك أن أصل الإسلام وقاعدته شهادة أن لا إله إلا الله، وهي أصل الإيمان بالله وحده، وهي أفضل شُعب الإيمان، وهذا الأصل لابد فيه من العلم والعمل والإقرار بإجماع المسلمين، ومدلوله وجوب عبادة الله وحده لا شريك له، والبراءة من عبادة ما سواه كائناً من كان، وهذا هو الحكمة التي خُلقت لها الأنس والجن وأرسلت لها الرسل وأنزلت بها الكتب، وهي تتضمن كمال الذل وتتضمن كمال الطاعة والتعظيم، وهذا هو دين الإسلام وهو يتضمن الاستسلام لله وحده، فمن استسلم له ولغيره كان مشركاً، ومن لم يستسلم كان مستكبراً عن عبادته<.
{وأما مسائل القدر والجبر والإمامة والتشيع ونحو ذلك من المقالات والنحل فهو أيضاً فيها على ما كان عليه السلف الصالح وأئمة الهدى والدين يبرأ مما قالته النفاة القدرية المجبرة، وماقالته المرجئة والرافضة، وما عليه غلاة الشيعة والناصبة.
يوالي جميع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم- ويكف عما شجر بينهم، ويرى أنهم أحق الناس بالعفو عما يصدر عنهم، وأقرب الخلق إلى مغفرة الله وإحسانه لفضائلهم وسوابقهم وجهادهم، وما جرى على أيديهم من فتح القلوب بالعلم النافع والعمل الصالح، وفتح البلاد ومحو آثار الشرك وعبادة الأوثان والنيران والأصنام والكواكب، ونحو ذلك مما عبده جهال الأنام.
ويرى البراءة مما عليه الرافضة وأنهم سفهاء لئام، ويرى أن أفضل الأئمة بعد نبيها، أبو بكر فعمر فعثمان فعلي - رضي الله عنهم - أجمعين.
ويعتقد أن القرآن الذي نزل به الروح الأمين، على قلب سيد المرسلين وخاتم النبيين كلام الله غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، ويبرأ من رأي الجهمية القائلين بخلق القرآن، ويحكى تكفيرهم عن جمهور السلف أهل العلم والإيمان، ويبرأ من رأي الكلابية أتباع عبد الله بن سعيد بن كلاب القائلين بأن كلام الله هو المعنى القائم بنفس الباري وإنما نزل به جبريل حكاية وعبارة عن المعنى النفسي، ويقول هذا من قول الجهمية، وأول من قسم هذا التقسيم هو ابن كلاب وأخذ عنه الأشعري وغيره، ويخالف الجهمية.
{ولا يرى ما ابتدعه الصوفية من البدع والطرائق المختلفة المخالفة لهدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنته في العبادات والخلوات والأذكار المخالفة للمشروع.
{ولا يرى ترك السنن والأخبار النبوية لرأي فقيه ومذهب عالم خالف ذلك باجتهاده، بل السنة أجل في صدره وأعظم عنده من أن تترك لقول أحد كائناً من كان.
{ويوالي الأئمة الأربعة ويرى فضلهم وأمانتهم وأنهم من الفضل والفضائل في غاية ورتبة يقصر عنها المتطاول.
ويوالي كافة أهل الإسلام وعلمائه من أهل الحديث والفقه والتفسير وأهل الزهد والعبادة، ويرى المنع من الانفراد عن أئمة الدين من السلف الماضين برأي مبتدع، وقول مخترع، فلا يحدث في الدين ما ليس له أصل يتبع، وما ليس من أقوال أهل العلم والأثر.
ويؤمن بما نطق به الكتاب، وصحت به الأخبار، وجاء الوعيد عليه من تحريم دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم ولا يبيح من ذلك إلا ما أباحه الشرع وأهدره الرسول، ومن نسب إليه خلاف هذا فقد كذب وافترى وقال ما ليس له به علم، وسيجزيه الله ما وعد به أمثاله من المفترين.
والخلاصة أن هذا الإمام الذي هو الشيخ محمد ابن عبد الوهاب - رحمة الله عليه - إنما قام لإظهار دين الله، وإرشاد الناس إلى توحيد الله، وإنكار ما أدخل الناس فيه من البدع والخرافات، وقام أيضا لإلزام الناس بالحق، وزجرهم عن الباطل، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر.. هذه خلاصة دعوته - رحمة الله - تعالى - عليه- وهو في العقيدة على طريقة السلف الصالح.
رحم الله الشيخ وأجزل له المثوبة على تجديده لهذا الدين وتحرير المسلمين من ربقة الشرك وذل الإعراض عن رب العالمين آمين.
نشر :
إضافة تعليق جديد