مقال تاريخي للشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله
الشيخ محمد رشيد رضا
إن استيلاء إمام السنة في هذا العصر عبد العزيز السعود (المقصود فيه الملك عبدالعزيز) على الحجاز، وشروعه في تطهير الحرمين الشريفين من بدع الضلالة، وقيامه بتجديد السنة قد كشف لأهل البصيرة من المسلمين أن ما كان من تساهل القرون الوسطى في مقاومة أهل البدع؛ قد جر على الإسلام وأهله من الأرزاء، والفساد ما هو شر من تلك البدع نفسها حتى إن طوائف من المسلمين الجغرافيين صاروا يفضلون بعض تلك البدع على أركان الإسلام، ويحاولون تعليق أداء فريضة الحج، وهو ركن الإسلام الجامع لشعوبه على بعض تلك البدع بحيث تترك الفريضة، ويهدم الركن الإسلامي إذا لم يسمح ملك الحجاز بإقامة تلك البدع.
بدأ هذا الإمام منذ تم له السلطان على الحجاز بإبطال بدع القبور، والمباني التي افتتن عامة المسلمين بصبغها بصبغة الإسلام التعبدية الذي كان بعمل سلاطين الأعاجم وأمرائهم ؛ فقامت عليه قيامة الشيعة أو أعاجمهم وبعض زعماء الأهواء السياسية في الهند والخرافيين عبدة القبور وطلاب الحياة من الموتى.
فمنعت حكومة إيران رعاياها من أداء فريضة الحج وبثت الدعاية في الهند لذلك، وتولى الإنفاق على الدعاية غني من أكبر أغنياء الشيعة هو محمد علي راجا محمود آباد، ونصره في عمله في هذا العام السياسيان الزعيمان شوكت علي ومحمد علي ، ورئيس جمعية خدام الحرمين وبعض أعضائها الخرافيين المأجورين.
وقد بلغ من طغيان هذه الفئة أن طلبت باسم زعيمها من الحكومة الإنجليزية التدخل في أمر الحجاز بالقوة لإزالة الحكومة السعودية منه، وهم يعلمون أن هذا لا يتم إلا بمحاربة هذه الدولة النصرانية له في حرم الله تعالى، وحرم رسوله صلى الله عليه وسلم؛ ولكن اتباع الهوى، ونصر البدعة أركسهم بما كسبوا؛ فاستحلوا أكبر الكبائر من صد المسلمين عن فريضة الحج إلى دعوة خصوم الإسلام لانتهاك أعظم حرمات الإسلام؛ واستحلال ذلك كفر بالإجماع، ولكن الله تعالى خذلهم، ونصر دينه، وسنة رسوله ضلى الله عليه وسلم.
مجلة المنار مجلد 28 ص 293
نشر :
إضافة تعليق جديد