اقرؤوا كتب ابن عبدالوهاب أولاً..!

عبد الله بن إدريس
 
كلما كانت حركة أي مصلح بشري عظيمة الشأن، قوية التأثير، تاريخية التحولات الحياتية.. كانت المواقف حيالها لا تقل أهمية، وحساسية، وتنازعا بين المؤيدين لها والمعترضين عليها.

ودعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله أو حركته الإصلاحية كما سماها الدكتور طه حسين والدكتور محمد كرد علي رئيس ومؤسس المجمع اللغوي في دمشق.. وعشرات غيرهم هي من هذا النوع الذي اكتنفته مواقف سياسية، ودينية وأطراف أخرى أصحاب مصالح ومراكز نفوذية..

ولعل أشد من وقف ضد هذه الدعوة الإصلاحية هي الدولة العثمانية التي حاربتها منذ ظهورها خشية على نفوذها في شبه الجزيرة العربية، بعد أن تحالفت حركة الشيخ محمد مع إمارة محمد بن سعود جد الأسرة المالكة. وذلك لتصحيح المسار الإسلامي الذي اعتورته جهالات جهلاء.. وطغت البدع والخرافات.. ليس في (نجد) التي خرجت منها هذه الحركة الدعوية الإصلاحية وحدها.. بل في كل أقطار الإسلام وأمصارهم».

والناس، بطبيعتهم أعداء ماجهلوا.. فتعرضت هذه الدعوة النقية التي لم تؤسس (مذهباً).. أو تأتي بجديد في الدين.. وإنما هي تدعو المسلمين للعودة إلى ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه.. وما كان عليه سلف الأمة في قرونها الثلاثة المفضلة.. تعرضت لكثير من التشويه والافتراءات المضللة من قبل أهل البدع والقبوريين والصوفيين. وتبعتهم الغوغائية الجاهلة.. الصم البكْمُ الذين لا يعقلون.. فأصبحوا يهرفون بما يهرف به مشايخهم الراكسون في البدع والضلالات.

كما ساعد على تشويه هذه الحركة وجود اسمين متشابهين لعالمين كل منهما اسمه (محمد بن عبدالوهاب) الأول عالم (مغربي) كان سيئ السمعة والفكر وسبقه في الوجود سَمِيّه (النجدي) بزمن طويل.. فأصبح أصحاب الأهواء المناهضة لتصحيح العقيدة والرجوع بها إلى المنابع العذبة: الكتاب والسنة.. التي هي مرتكز دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب النجدي.. أولا.. ثم العالمي بعد ذلك.. يخلطون بين الاسمين خلطا بين الجهل.. والتعمد لمجرد التشويه والتجريح لدعوة الحق وتصحيح مسار العقيدة الإسلامية التي دخلتها بدع وشركيات وانحرافات فكرية كثيرة.

حاول الداعية الإسلامي المجدد الامام محمد بن عبدالوهاب النجدي أن يعيد الإسلام الصحيح إلى منابعه الأولى وأصوله الثلاثة: الكتاب والسنة، واجماع الأمة.. وقد نجح في دعوته أيما نجاح.. واهتدت بها مئات ملايين المسلمين حتى اليوم وستظل هذه الدعوة الحركية الإصلاحية وما يماثلها أو يقاربها من حركات التجديد.. على النحو الذي أشار إليه المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله: «يبعث الله لهذه الأمة على رأس كل قرن من يجدد لها دينها».

الغريب أن كل أو جل الذين يتحدثون عما يسمونها (الوهابية) لا يعرفون ولا يفهمون شيئاً عما يتحدثون عنه. وإنما هم نَقَلَةٌ عن مضللين.. دون أي علم لهم بأسس هذه الدعوة الإسلامية ومنطلقاتها ومفاهيمها.

لم يقرءوا أي كتاب من كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب.. وخاصة ما يتصل منها بسلامة العقيدة ككتبه الرئيسية الثلاثة «كتاب الوحيد» «ثلاثة الأصول» «كشف الشبهات». ولن يقرأ هذه الكتب عالم منصف.. أو طالب علم. إلا ويحكم على الفور بأن ما فيها هو الإسلام النقي الصحيح.. البعيد عن غلو الغلاة. وجفاء الجفاة.

ولعل ما يشهد لهذا أسوق الحكاية التالية:

لقي رجل من أبناء الجزيرة العربية الذين زاروا الهند في زمن مضى لمهمة ما.. أحد علماء الهند الذي كان من كبار المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب بناء على ما قرأ وسمع عن هذه الحركة.. من قبل أضدادها.. وبعد جلسات عديدة من هذا الرجل العربي الزائر للهند مع هذا العالم الهندي الذي كان يحمل على الدعوة حملات شديدة.. قدم الرجل الزائر نسخة من كتاب «التوحيد» لمحمد بن عبدالوهاب للعالم الهندي.. بعد ان نزع غلاف الكتاب وما يدل على اسم مؤلفه.. قائلا: لقد وجدت هذا الكتاب في أحد المساجد هنا بالهند. فحبذا لو قرأته لأقتنيه ان كان جيداً.. أو أرميه إن لم يكن كذلك.

وبعد أيام زار الرجلُ العالم الهندي َّ في بيته.. وسأله إن كان قد قرأ الكتاب؟.
فكان جواب العالم الهندي: نعم قرأته ووجدته الكتاب الذي يتفق تماما مع القرآن والسنة النبوية.

فعند ذلك اخبره الزائر العربي بأن هذا الكتاب هو كتاب التوحيد لمحمد بن عبدالوهاب وأخرج له نسخة من الكتاب بغلافه الذي يحمل اسمه واسم مؤلفه.

فاستغفر الشيخ الهندي عما كان يقول في صاحب هذه الدعوة.. وأصبح بعد ذلك أحد العلماء السلفيين والدعاة الهادين المهديين.
لا أدري كيف سوغ «القذافي» لنفسه أن يكون ناطقاً متطوعاً باسم الكونجرس الأمريكي وادارة «بوش» .. وعصابات «آرييل شارون».؟

وكيف سوغ له انتسابه إلى الإسلام أن يكذب على المملكة العربية السعودية شعباً وحكومة.. بأن ما أسماه (بالمذهب الوهابي) في المملكة العربية السعودية مسئول عن ظهور «القاعدة» ومجموعة إرهابية أخرى..؟!أليست هذه التصريحات القذافية والاتهامات الباطلة ضد حكومة المملكة وشعبها «مَعُونةً سافرة» لأعداء المملكة العربية السعودية خاصة، وللأمة العربية والإسلامية عامة..
هل يريد القذافي «بشهادة الزور» هذه.. أن يتقاضى ثمنها من أمريكا وإسرائيل..؟! أم هي الحَوْرُ والكوْر في غياهب الارتجاج الفكري والخرق السياسي..؟

اللهم اهد ضال هذه الأمة وأرشدهم سبل السلام وطريق الإسلام.
نشر :

إضافة تعليق جديد

 تم إضافة التعليق بنجاح   تحديث
خطأ: برجاء إعادة المحاولة