كتب أئمة الدعوة محل الثقة وإن لم تكن معصومة
الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد:
فإن الله مَنّ على هذه البلاد السعودية خصوصاً وعلى بلاد المسلمين عموماً بظهور دعوة الشيخ الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - إلى التوحيد والتمسك بالسنّة والنهي عن الشرك والبدع والتقليد الأعمى. فقامت على دعوته دولة إسلامية كتب الله لها الاستمرار مع ما تعرضت له على يد مخالفيها من أذى ومضايقات ومحاولات للقضاء عليها فبقيت لأنها دعوة حق، والحق يبقى والباطل يذهب: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ} [سورة الرعد (17)].
وقد توارث هذه الدعوة والقيام بها أئمة خلفوا الشيخ في الدفاع عنها ورد شبهات خصومها في كتب ورسائل وفتاوى وقد جمعت هذه الفتاوى والرسائل في مجموعة تسمى (الدرر السنّية) وأعقبتها مجموعات أخرى على نمطها كفتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم - رحمه الله - وفتاوى الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - وفتاوى اللجنة الدائمة وننتظر صدور فتاوى الشيخ عبد الله بن حميد - رحمه الله - فكانت هذه المجموعات وبجانبها الكتب التي ألفها أئمة الدعوة في الرد على شبهات الخصوم كانت هذه وتلك رصيداً علمياً مباركاً ومناراً مشعاً على طريق الحق وصارت محل الثقة بين الخاص والعام لأنها انتاج جهود علمية من أئمة فضلاء وقد تداولها العلماء بالدراسة والتدريس والرجوع إليها عند الحاجة ولم تكن محل شك عند من يريد الحق من علماء المسلمين في داخل المملكة وخارجها.
بل إن الطلبات تتوالى عليها من كل جهة مما دعا إلى تكرار طباعتها وتوزيعها بالآلاف ولكن في الآونة الأخيرة وجد من يشكك فيها أو يتهمها بأنها تنشر التكفير والإرهاب كما نشر ذلك في بعض الصحف بدافع الهوى أو بدافع الجهل بمحتويات هذه الكتب أو استمراراً في معارضة هذه الدعوة من قبل خصومها أو لأنها لا تتفق مع رغبات أصحاب الأفكار المسالمة للآخرين مما يسمونه بالرأي والرأي الآخر مع أن الدين وحي منزل لا مجرد آراء وأفكار. ولقد ساءني وساء كثيراً من أهل العلم ما نشر في جريدة الجزيرة العدد (11892) يوم الأربعاء 11 ربيع الأول عام 1426هـ منسوباً إلى الشيخ سليمان بن عبد العزيز الربعي المحاضر بقسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بكلية الشريعة وأصول الدين بجامعة القصيم في حديث مع جريدة الجزيرة عنوانه ومضمونه قوله: لا ندعي العصمة لمقولات وكتب وأئمة الدعوة السلفية ومراجعتها تحتاج إلى مؤسسات علمية - وأقول لفضيلته:
أولاً: هل لا يعتمد إلا على كتاب معصوم؟.. فجميع الكتب - ما عدا كتاب الله وسنة رسوله - ليست معصومة.
وما زال المسلمون يعتمدون عليها. وفضيلته وإن كان لا يريد توقف الاعتماد على كتب أئمة الدعوة - لكن يفتح مجال الشكوك في هذه الكتب ويجرئ خصومها على التشكيك فيها لأنها تحتاج عنده إلى مراجعة على يد مؤسسات علمية، ولماذا تحتاج الى المراجعة وهي المرجع العلمي المبني على الكتاب والسنّة ومنهج السلف ثم ما مصير كتب علماء المسلمين. هل يتوقف العمل بها حتى تفحص لدى لجان علمية بناء على اقتراح الشيخ؟
ثانياً: كلامه هذا يعطي أن هذه الكتب لم تمحص ولم تفحص من قبل المختصين فهي بحاجة إلى تكوين لجنة علمية تتولى فحصها وبيان ما فيها من أخطاء.
ونقول لفضيلته:
إن هذه الكتب بحمد الله من عهد الشيخ محمد بن عبد الوهاب إلى وقتنا هذا مازال العلماء يقرؤونها ويدرسونها في المساجد وفي المدارس والمعاهد والكليات وما انتقدوها بشيء.
و(الدرر السنيّة) بالذات قرأها وقرضها ثلاثة من أئمة الدعوة هم:
1 - سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي البلاد السعودية ورئيس قضاتها وشيخ العلماء في وقته.
2 - فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد العزيز العنقري قاضي سدير وهو من جهابذة العلماء.
3 - فضيلة الشيخ محمد بن عبد اللطيف القاضي والداعية المعروف والعالم الغيور والمدرس المشهور والعالم الجليل.
ختاماً أقول لفضيلة الشيخ سليمان لعلك تعيد النظر في مقالك لتزيل ما سببه لدى الغيورين من استغراب..
وفقنا الله جميعاً للعلم النافع والعمل الصالح. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
الجزيرة 11897 الأثنين 16 ربيع الأول 1426
نشر :
إضافة تعليق جديد