منهج الإمام محمد بن عبدالوهاب في تقرير العقيدة

الدكتورة/ قذلة بنت محمد القحطاني

 الكلام على منهج أئمة الدعوة هذا هو الذي يقرره أئمة الدعوة قرره الشيخ محمد بن عبد الوهاب، هذا هو منهج ابن تيمية هذا هو منهج ابن القيم، هذا منهج السلف، وكثير منها قضاء بغير علم كما يعرفه المتبصر في هذه المسائل والناس في ذلك ما بين غالٍ فيها وما بين جافٍ، وهذه الأمة وسط ?وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا?[البقرة:143]، وكذلك وسط بين طرفي الغلو والتفريط.

إذا تبين هذا فإن الإمام المصلح مجدد أمر الدين في زمانه محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى كان مقتفيا لأثر من قبله؛ حتى إنه لا يُعرف له في مسألة أنه تكلم فيها من غير سابق له من أئمة الإسلام، وإنما كان يتّبع من قبله من الأئمة وخاصة الإمام أحمد بن حنبل الشيباني رحمه الله المتوفى 241هـ، والإمام ابن تيمية المتوفى سنة 728هـ والعلامة ابن القيم والحافظ الذهبي وابن كثير ونحو ذلك من العلماء الذين قرروا منهج السلف بوضوح.
فإذن هو في منهجه متّبع لأئمة الإسلام من أئمة السلف الصالح فمن بعدهم، ولم يكن في منهجه مبتدعا منهجا جديدا، لا في العقيدة ولا في العلم ولا في التعامل بأي نوع من التعامل.
لهذا إذا تكلمنا على منهجه في الواقع في تقرير العقيدة فإنه منهج للسلف الصالح.

ما هي العقيدة أو التوحيد الذي نبحث في منهجه فيه؟

التوحيد  من أهل العلم من قسمه إلى ثلاثة أقسام:

ومنهم من قسمه إلى قسمين وهو توحيد في المعرفة والإثبات وتوحيد في القصد والطلب.
فالأول ثلاثة أقسام ألوهية وربوبية وأسماء وصفات.
والتقسيم الثاني توحيد في المعرفة والإثبات وهو توحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات، وتوحيد في القصد والطلب وهو توحيد العبادة أو توحيد الإلهية.
وهذا القسم ..توحيد القصد والطلب هو الذي شحذ همة الإمام المصلح رحمه الله في دعوته الإصلاحية في تجديد أمر الدين.
كذلك يدخل في العقيدة والتوحيد اتّباع النبي الكريم محمد بن عبد الله عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ في اتباع سنته والحض عليه والنهي عن البدع ومحدثات الأمور.
إذا تبيّن هذا فما هي معالم هذا المنهج ؟؟

المعلم الأول:

  أول معلم من معالم المنهج: أنّ منهج السلف الصالح ومنهج أئمة الإسلام في تقرير العقيدة هي أنّه لا يصح أن تؤخذ العقيدة إلا من كتاب الله جل وعلا ومن سنة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ومن ما أجمع عليه السلف.
فحينئذ لا يكون الاستدلال بالعقل في مسائل الاعتقاد دليلا ولا منهجا، وحينئذ لا يكون الاستدلال بالوجه أو الاستحسان أو ما يظهر لفلان أو ما يستحسنه فلان من أنه له مدخل في ذلك.

ويبطل حينئذ استدلال الناس بمسائل الاعتقاد بالمنامات أو بما يراه، أو يقول جاءني شبه إلهام كما يدعيه قوم من الصوفية ونحوهم في إثبات أشياء أو نفي أشياء عن طريق المنامات وعن طريق الرؤى وعن طريق الوجد وعن طريق أشياء مشابهة لذلك.
أيضا يبطل في هذا سلوك أهل البدع في تقرير مذاهبهم من الخوارج ومن المرجئة والقدرية والمعتزلة والجهمية والأشاعرة ونحو ذلك، ممن يُثبتون عقائدهم بالاستدلال ببعض الأدلة دون بعض، ولا يأخذون كل ما جاء في المسألة من الأدلة؛ ولكن يأخذون ببعض ويتركون بعضا، ولهم نصيب من قوله
 (فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ)

فلم يجعل حتى خطبة لكتاب للكتاب التوحيد، الواحد يؤلف كتاب الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، هذا كتاب أردت فيه بيان توحيد..، لم يجعل هذا الإمام المصلح لم يجعل ولا كلمة في مقدمة كتابه لأن لا أحد يدل على التوحيد أعظم من رب العالمين، فكان من تعظيم الله جل وعلا ومن الدلالة على أن المنهج في التوحيد أنه لا يُسبق كلام الله بكلام، ولا يسبق كلام رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلا بكلام الله جل وعلا وتقدس.

لهذا تجد أن كتاب التوحيد وهو في تقرير توحيد الإلهية وما يضاد توحيد الإلهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات وما يتصل بذلك من مباحث كما هو معروف، هذا الكتاب ليس فيه إلا آية أو حديث، وأحيانا يأتي بكلام يوضح معنى كلمة أو جملة أو حكمٍ في الآية والحديث من نقل من بعض أهل العلم المعتبرين في ذلك.

وعلى هذا جميع كتب الإمام رحمه الله تعالى، عاب قوم الإمام رحمه الله فقالوا إنه لا يطنب في التأليف معلوماته قليلة، لا يفصل لا يستطرد، وهذا في الواقع من المنهج؛ لأن الدعوة دعوة التوحيد، ليست هي دعوة لطلبة العلم، ليس علما خاصا بفئة من الناس يتعلمونها، التوحيد حق الله على العبيد، للجميع الصغير والكبير والمرأة والرجل وطالب العلم والبدوي والقريب والبعيد يأخذه، فإذا فصّل فيه وأطال فإن بعض طول الكلام ينسي بعضه بعضا، فلهذا كان يختصر جدا في تقرير التوحيد والعقيدة بالدليل من الكتاب والسنة ليكون المتلقي لهذا المنهج معه الدليل الواضح البين من كتاب الله ومن سنة رسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وليس معه تفصيل كلام يذهب قوة الاستدلال.
ومعلوم أن كثرة البحوث التي نشأت في زمن القرن الثاني والثالث أَضعفت من أخذ العقيدة من مصدرها الكتاب والسنة، وكثر الخلاف فيها لأنه كثر الكلام.

المعلم الثاني:

 من معالم هذا المنهج المبارك أنّ تقرير التوحيد والعقيدة بعامة هو أولى الأولويات وأولى المهمات، وذلك لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاذ بن جبل «إنك تأتي قوما أهل كتاب فليكن أو ل ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله» وفي رواية أخرى عند البخاري في كتاب التوحيد «فليكن أول ما تدعوهم إليه إلى أن يوحدوا الله» وعند مسلم في أول صحيحه «إلى أن يعرفوا الله» وهذا يدل على أن أولى الأولويات في الدعوة هو أن يدعا إلى التوحيد.
والدعوة إلى التوحيد لابد فيها من ترتيب للأولويات في داخله.

فإذن عندنا مسألتان في تفرد هذا المنهج:
الأولى أن الدعوة إلى توحيد الله جل وعلا في ألوهيته وعبادة الناس للواحد الأحد دونما سواه، أن هذا هو منهج هذا الإمام المصلح في دعوته، فلم يبدأ دعوته بسلوكيات ولا بزهديات.. وإنما صبر وصبر سنين حتى يقرر توحيد العبادة وما يدل من حق الله في ربوبيته وفي أسمائه وصفاته جل وعلا.
إذا تبين ذلك فإنّ التوحيد إذا كان هو أهم المهماتـ والتوحيد والعقيدة أولا لو كانوا يعلمون، فإن مسائل التوحيد تختلف أيضا في ترتيب أولوياتها، لهذا تجد أن الإمام في دعوته وفيما يقرره وفي رسائله، ما يقرره في كتبه وفي رسائله تجد أنه لا يجعل المسائل المتصلة بالعقيدة والتوحيد في مرتبة واحدة؛ بل أخّر بعض المسائل حتى اتضحت الدعوة وانتشرت، وبدأ بالمسائل العظيمة.

المسألة العظيمة الأولى أن دعوة غير الله جل وعلا شرك، الاستغاثة بغير الله جل وعلا شرك، طلب المدد والحاجات من الأموات وشفاء الأمراض وجعل المخلوق له صفات الخالق أن هذا كفر وشرك.
وأخرّ بعض المسائل في مثل بعض مسائل تقرير الصفات والرد على الأشاعرة، في بعض مسائل التوسل أخرها، في بعض مسائل التبرك لم يوردها، وذلك بيّن في منهجه .

فإذن إذا قلنا التوحيد أولا وهو أهم المهمات، فليس معنى ذلك لأن يعطى الناس كل مسائل التوحيد دفعة واحدة، يعطى لقوم يجهلون الأصول وعندهم خلل في أصل التوحيد، عندهم وقوع في شركيات كبرى، فنبحث معهم مسألة التبرك بالصالحين، أو التبرك بالماء أو بالسؤر أو التمسح ببعض الصالحين الأحياء أو بعض تأويل الصفات أو نحو ذلك، ليس الأمر هكذا.

الشيخ رحمه الله بدأ دعوته بشيء عظيم واضح؛ لأن حجة الخصم فيه هي أضعف ما يكون، ولو ركّز على بعض المسائل التي فيها من الكلام ما فيها، من النقول عن العلماء مثل مسائل التبرك أو مسائل التوسل أو بعض مسائل تأويل الصفات أو نحو ذلك، لترك العلماء في وقته الذين ناهضوه وآذوه لتركوا الكلام في المسائل المهمة وركزوا على هذه المسائل ليطعنوا فيه أو ليردوا عليه، فكان من الحكمة أنه أخذ بسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في أنه قرّر توحيد العبادة الأكبر.

تعلمون مثلا مسائل الحلف بغير الله جل وعلا ما جاء تحريم ذلك إلا في المدينة، أما في مكة ما كان تحريم ذلك، فكان الرجل يحلف بأبيه ويحلف بالكعبة ويحلف ببعض الأشياء يعني غير الآلهة، ولكنه لم يُنْهَ عنه بعد ذلك، قوله ما شاء الله وشئت هذا إنما نهي عنه في المدينة في قصة مع اليهود مع بعض أحبار اليهود حيث قالوا لبعض الصحابة: إنكم لأنتم القوم لولا أنكم تنددون تقولون ما شاء الله وشاء محمد. فلما بلغ النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذلك قال «قولوا ما شاء الله وحده» هذا كان في المدينة، المسألة عقدية كانت متصلة بالتوحيد؛ لكن لم تقرر في هدي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في مكة.

المعلم الثالث:

 في منهج هذه الدعوة المباركة: أن الإمام المصلح رحمه الله تعالى لم يفرّق في دعوته ما بين أصناف الناس، لم يجعل دعوته خاصة بالشباب، لم بجعل دعوته للأذكياء أو للنابغين، وإنما جعل دعوته لكل مكلّف؛ لأنها دعوة ليست لحزب وليست لسياسة وليست لغرض دنيوي، وإنما هي لتعبيد الناس لرب العالمين، فتارة تتوجه الدعوة إلى شباب، تارة تتوجه الدعوة إلى فئة، هذا لا يجوز لأن المقصود تعبيد الناس لرب العالمين.

فتخصيص الدعوة لطائفة من المكلفين دون طائفة والتركيز عليهم هذا ليس منهجا نبويا، وإنما الدعوة للجميع سيكون الشباب في الغالب هم الأكثر تقبلا لا لأجل تخصيصهم لكن لأجل أنهم هم الأكثر تقبلا كما قال جل وعلا ?فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِّن فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَن يَفْتِنَهُمْ?[يونس:83]، وقال ابن كثير معنى ?ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ? يعني أمهم شابا لأن أكثر أتباع الأنبياء كانوا شبابا لا لأجل أن دعوة الأنبياء والمرسلين توجهت إلى الشباب؛ ولكنهم الأسلم من جهة الأهواء في قبول الحق فإذا كانت الدعوة عامة فستقبلها في الغالب هذه الفئة أكثر من غيرها من الفئات لقلة الهوى وفيهم في الغالب، فكان من منهج الإمام رحمه الله في دعوته أن دعوته خاطبت أمراء القرى في وقته، وخاطبت العلماء، وخاطبت العامة، وخاطبت الحضر، وخاطبت البادية، وخاطبت النساء والرجال.
فكان العلم يبث في النساء كما يبث في الرجال، وكان في الدرعية في ذلك الوقت كان هناك مكان يخصص للدروس -كما ذُكر- يحضره الرجال ويحضره النساء كل يوم في أواخر وقت الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

المعلم الرابع:

 من معالم منهج الإمام رحمه الله في تقرير العقيدة أنه رحمه الله تعالى كان يحمل العقيدة حملا كاملا على منهج السلف الصالح.
فحملها في أبواب أركان الإيمان توحيد الله ربوبيته أولهيته أسماءه وصفاته والإيمان بالكتاب وعدم تأويل الصفات وتقرير ما قرره السلف وعدم الدخول في الغيبيات بما ينفي ذلك عن ظاهرها.

ودخل أيضا في مناهج فيما يسمى يسميه بعضهم المنهج أو التعامل دخل فيه على نحو ما كان السلف الصالح.
وقرر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونشره بالطريقة الشرعية على ما توجبه الشريعة دون غلو فيه ودون تفريط، وقرر طاعة ولاة الأمور في ذلك والسمع لهم والطاعة فيما لم يأمروا فيه بمعصية والجهاد معهم ونصرة ذلك.
وقرر المنهج في التعامل مع المخالف من المشركين والمبتدعة.
فكان له في كل مسألة الكلام الأوفى والتقرير البين، فتجد ليونته ورحمته في مسألة، وتجد قوته وشدته في مساكنة المشركين والنوم معهم، وتكثير سواد المشركين في أي مكان.
فنوع التعامل مشى فيه على ما دلت عليه النصوص دون أهواء أو نظر إلى ما لم يدل عليه الدليل، أو لم يكن عليه منهج السلف الصالح.
كذلك في مسائل السلوك والأخلاق.

 المعلم الخامس:

وهو أثر العقيدة أو المنهج في الاعتقاد عند الإمام رحمه الله تعالى في تربية الناس من طلبة العلم ومن غيرهم بل جميع الناس على السلوك الحسن والتعبد لله جل وعلا..
يعنى بالسلوك ما يعمله العبد في سلوكه مع ربه جل وعلا ومع الخلق.
هناك دعوات تهتم بالعقيدة؛ لكن تجد أن العقيدة لا تؤثر في أصحابها من جهة التعبد، فيكونون ضعيفين في التعبد حتى في الواجبات، ربما كان إهمال أو في التطوعات من باب أولى أو كان هناك تساهل في السلوك فيما يتعلق برحمة الخلق والتعامل معهم؛ مع الوالدين مع الأسرة مع الأبناء مع الزوجة مع مع إلى آخره، ..لأن حقيقة الاعتقاد أنه إيمان بالله وبكتبه وبالنبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأنه إيمان باليوم الآخر، فمن كان عنده إيمان بالله وما يستحقه جل وعلا، وعنده إيمان بالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وما جاء به، وعنده إيمان بالقرآن وتطبيق لذلك، وعنده إيمان باليوم الآخر وخوف من الله جل وعلا، فلا بد أن يؤثر هذا في سلوكهم:

أولا حرصه على عبادته بربه جل وعلا.
وثانيا في حسن تعامله مع إخوانه والخَلق.
لهذا تجد أن العقيدة التي دعا إليها الإمام رحمه الله نقلت الناس في نجد بالذات نقلت الناس الذين كانوا قريبين من الدعوة إلى أنهم كانوا أكثر تعبدا أكثر إعمارا للمساجد العمارة المعنوية والتبكير للصلوات والتواصي بالحق التواصي بالصبر، البذل

كان طالب العلم من طلبة الشيخ رحمه الله يقول له نريد أن تكون في منطقة كذا أبعد منطقة في القضاء أو في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو في الدعوة وما شابه ذلك فيذهب؛ لأن عندهم الرغبة العقيدة -يعني في تقريريها- لها سمة يغلب على صاحبه في تعبده وفي سلوكه وفي أنواع تعامله وهذا مهم جدا اليوم في كل دعوة تدعو إلى التوحيد.

المعلم السادس:

هو أن تقرير التوحيد عند الإمام رحمه الله..كان ظاهرا أتم ظهور في الحض والدعوة إلى الاتباع بسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
الاتباع للسنة من حيث الأخذ بها والاستدلال بها في العلميات، الاتباع للسنة من حيث العمل بها في العمليات، الاتباع للسنة بالرجوع بالهدي إلى ما كان عليه السلف الصالح رضوان الله عليهم، فكان منهجه يعلمه العوام في المسائل المشتبهة التي تشتبه على كثير من العلماء، فيكون تقريره لها أسهل تقرير.
فيقول لقائل في مسائل مثلا في بعض البدع العامي ممن تربوا وأخذوا من هذه الدعوة، يسأل في مسألة مما يستحسنها الناس يقول هل فعلها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ هل فعلها الصحابة؟

فإذا قالوا: لا. إذن الجواب واضح ولا ندخل في تفصيلات مثل ما دخل فيها طائفة حتى من الأذكياء والعلماء.
مثلا المولد العلماء بحثوا فيه أكثر من مائة بحث وفيه كُتب لكن الشيخ رحمه الله رباهم باتباع السنة على كلمة واحدة، فعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم لم يفعل؟ لم يفعل لا نفعل، وهذه الوجازة في الأسلوب للسنة سهلة وتقبلها الفطرة من أي فرد كان، إلا إذا أتت عليها معارضة؛ لكن تبقى في الفطرة مؤثرة، ما فعلها النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
مثل هذه الليلة ليلة النصف من شعبان طائفة من الناس يحيون هذه الليلة إما بحفلة وإما باجتماع على عبادة، وإما بشد الرحل إلى مكان ليكون فيه كذا وكذا، ويخصصون هذه الليلة بقيام واجتماع وحفل ويخصون الخامس عشر أيضا بالصيام دون غيره، حتى ولو كان يوم الجمعة فقط يخصون الخامس عشر بصيام، وهنا هذه بالمناسبة.

هنا يسأل السائل فعل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أم لم يفعل؟ إذا قال فعل نفعل إذا قال: لا لم يفعل لكن هذا فيه..، يظهر لك أنه ليس فيها اتباع.
فإذن هنا منهج تعليم الناس للسنة والبدعة لم يتبع فيه رحمه الله المنهج المعقد في تعريف البدع وفي الأخذ بها، وإنما المسألة واضحة جدا لما علّم الناس فيها.
ولهذا قال رحمه الله في كشف الشبهات (والعامي من الموحدين يغلب الألف من علماء هؤلاء المشركين)

لماذا؟ لأنّ معه الحق القليل الواضح الذي لا يستطيع أن يجادل معه خصمه لكن يذهب إلى بنيات الطريق فيضل في ذلك

المعلم السابع:

 منهجه في تقرير العقيدة، أنه رحمه الله تعالى ومن سلك بعده في ذلك اعتنى بالرد –الرد التفصيلي- على من خالف العقيدة في مسألة أو في أصل التوحيد والاعتقاد، ولأئمة الدعوة كما تعلمون الرّدود الكثيرة.
الرد على المخالف في مسائل التوحيد هذا فيه فائدتان:

الفائدة الأولى: إنكار المنكر.
الفائدة الثانية: في تقرير الحق وبيان المحجة وإقامة الحجة.
لهذا اهتموا أنه من يهاجم الدعوة دعوة الإسلام أو يعني دعوة التوحيد، ويبين مثلا؛ يحسن عبادة الأولياء أو يحسن الذهاب إلى المشاهد أو الاستغاثة بالصالحين أو نحو ذلك؛ يعني من الأموات ردوا عليه،

وهو رحمه الله تعالى وأئمة الدعوة أيضا ردوا على كل من خالف الدعوة في هذا؛ ولكن الرد يكون بعلم وبحلم، والرد يكون بعلم وبحلم؛ لا يكون الرد خالٍ من العلم وفيه قوة في الألفاظ وتعدي، فيفهم منه القابل أنك لست قويا في الحجة، فإنما عندك نزاع وشدة في الكلام وإلى آخره وتتهجم دون قوة في الحجة، فكانوا أقوياء في ردودهم والردود مهمة في تبيين الملة وتبيين الحق.
نشر :