ترجمة الإمام المجدد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد
فهذه ترجمة مختصرة للإمام المجدد الشيخ محمد بن الوهاب رحمه الله.

_اسمه ونسبه:
هو شيخ الإسلام، الإمام محمد بن عبد الوهاب بن سليمان بن علي بن محمد بن أحمد بن راشد بن بريد بن محمد بن مشرف بن عمر بن معضاد بن ريس بن زاخر بن محمد بن علوي بن وهيب بن قاسم بن موسى بن مسعود بن عقبة بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب بن ربيعة بن أبي سود بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. 
وهذا النسب فيه منقبة للشيخ رحمه الله، حيث يلتقي بنسب النبي صلى الله عليه وسلم في إلياس بن مضر.
ـ كنيته: أبو الحسن.
ـ والدتُه: بنت محمد بن عزاز المشرفي الوهيبي التميمي؛ فهي من عشيرته الأدنين.
انظر: عنوان المجد لابن بشر (1/22 23، 62 - 63)، وعلماء نجد للبسام (1/310 - 311)، والدكتور العثيمين في كتابه الشيخ محمد بن عبد الوهاب (ص 24).

_ مولده ونشأته:
ولد الشيخ محمد بن عبد الوهاب سنة 1115 هـ الموافق من عام 1703م في مدينة العيينة في نجد، تعلم القرآن الكريم وحفظه عن ظهر قلب قبل بلوغه عشر سنين وقرأ على أبيه في الفقه، وكان مشهوراً بحدة ذهنه وسرعة حفظه، وحبه للمطالعة في كتب التفسير والحديث وكلام العلماء في أصل الإسلام، فشرح الله صدره في معرفة التوحيد وتحقيقه ومعرفة نواقضه، وجد في طلب العلم وأدرك وهو في سن مبكرة حظاً وافراً من العلم، حتى إن أباه كان يتعجب من فهمه ويقول: لقد استفدت من ولدي محمد فوائد من الأحكام. وهكذا نشأ الشيخ محمد بن عبد الوهاب في بيت علم ودين، فأبوه، وقبله جده، كانا على قدر كبير من العلم، وقد سادا أهل زمانهما فقهًا وفتوى، فكان أبوه القاضي يحثه على طلب العلم ويرشده إلى طريق معرفته، ومكتبة جده القاضي سليمان بن علي بأيديهم، وكان بيتهم في الغالب ملتقى طلاب العلم سيما الوافدين باعتباره بيت القاضي ولا بد أن يتخلل اجتماعاتهم مناقشات ومباحث علمية يحضرها الشيخ رحمه الله.
انظر: روضة ابن غنام (1/25) وعنوان المجد لابن بشر (1/6).
وكان الشيخ رحمه الله متصل السند في الفقه بأئمة المذهب إلى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، قال الشيخ عبد اللطيف: "أخذ الفقه عن أبيه، عن جده سليمان بن علي مفتي الديار النجدية في وقته، وسنده المتصل بأئمة المذهب إلى الإمام أحمد، معروف مقرر عندهم.
وسمِع الحديث عن أشياخ الحرمين في وقته، وأجازه الكثير منهم، ومن أعلامهم محدِّث الحرمين الشيخ محمد حياة السندي. انظر: مصباح الظلام لعبد اللطيف آل الشيخ (ص 154).

رحلاته:
جال الشيخ رحمه الله في البلاد طلبًا للعلم الشرعي، فتنقَّل في ضواحي نجد، ثم رحل إلى مكةَ والمدينة، ثم العراق والأحساء والتقى بعلمائها، وأجازه بعضهم، واشتهر عندهم بالعلم والذكاء، وباحثَ وناظرَ في مسائل عدة. 
ولم يثبت أن الشيخ رحمه الله تجاوز الحجاز والعراق والأحساء في طلب العلم، أما القول بأنه سافر إلى الشام كما ذكره خير الدين الزركلي في الأعلام، وإلى فارس وإيران و قم وأصفهان كما يذكره بعض المستشرقين ونحوهم في مؤلفاتهم المعروفة بالأخطاء و مجانبة الحقيقة ، فهذه الأشياء غير مقبولة ؛ لأن حفيد الشيخ ابن حسن وابنه عبد اللطيف بن ابن بشر نصوا على أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب لم يتمكن من السفر إلى الشام ، أما ما يذكر من أنه سافر إلى فارس و غيرها من البلاد ، فإن أغلبهم قد اعتمدوا على كتاب لمع الشهاب لمؤلف مجهول، قال حمد الجاسر : "ولا تفوت الإشارة إلى أن كثيراً ممن كتبوا عن الشيخ محمد رحمه الله انخدعوا بما جاء في كتاب لمع الشهاب ، .. إلى أن قال: وهذا الكتاب الذي لا يصح التعويل عليه.. وبالإجمال؛ فقد حرص مترجمو الشيخ محمد على تدوين كل ما يتصل برحلاته وبأسماء العلماء الذين تلقى العلم عنهم، وبذكر البلاد التي زارها، ويكادون يتفقون على عدم صحة ما ورد في كتاب لمع الشهاب من ذلك". انظر: مجلة العرب (ج 10، السنة الرابعة، ربيع الثاني عام 1390 هـ، (ص 943 944)، وكتاب: عقيد الشيخ محمد بن عبد الوهاب (1/133 174).
بعد مضي سنوات على رحلة الشيخ رحمه الله في طلب العلم، عاد إلى بلدة حريملاء فأقام مع أبيه يدرس عليه ويدعو إلى التوحيد ويحذر من الشرك وظاهره. انظر: الدرر السنية (12/5).

صفاتُه وأخلاقُه:
كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله على قدر كبير من الأخلاق الرشيدة والسيرة الحميدة، فكان طيب النفس، طلق الوجه، متواضعا، محبا للخير، وكان عالمًا عابدًا، زاهدًا وَرِعًا، صدَّاعًا بالحق، لا تأخذه في الله لَوْمةُ لائِم.
قال الشيخ عثمان بن عبد الله بن بشر رحمه الله: "وبالجملة، فمحاسنه وفضائله أكثر من أن تحصر، وأشهر من أن تذكر، ولو بسطتُ القول فيها واستقصيتُها لاتَّسعَ لأسفار."

شيوخه:
تتلمذ الشيخ رحمه الله على أكابر علماء عصره داخل نجد وخارجها:
_ والده الشيخ عبد الوهاب بن سليمان (ت: 1153هـ).
_ الشيخ عبد الله بن سالم البصري الشافعي رحمه الله، حافظ البلاد الحجازية ومسندها في وقته (ت1134 هـ).
_ الشيخ عبد الله بن إبراهيم بن سيف من أكابر علماء المدينة في زمانه، كان إمامًا في الفقه وأصوله، (ت: 1140هـ). 
_ الشيخ إبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم بن سيف، كان فرضيًّا (ت: 1189هـ).
_ الشيخ المحدِّث محمد حياة السندي (ت: 1163هـ).
_ الشيخ إسماعيل بن محمد العجلوني الشامي، صاحب المصنف الشهير (كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس) (ت1162 هـ).
_ ومن أبرز مشايخه بالعراق: الشيخ محمد المجموعي.
_ ومن أبرز مشايخه بالأحساء: الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد اللطيف.
_ والشيخ عبد الله بن فيروز الإحسائي (ت 1175هـ).

تلامذته:
أخذ عنه العلم مجموعة كبيرة من العلماء، وكان من أبرزهم أبناؤه:
_ والشيخ حسين بن محمد بن عبد الوهاب (ت: 1224هـ)، أحد كبار علماء الدعوة السلفية بنجد، وله رسائل وفتاوى، وتولى الخطابة بجامع الدرعية الكبير.
_الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب (ت: 1244هـ)، وقد تقيَّض أباه (أشبهه) في تولي مهام الدعوة، واقتفى أثره، وله مؤلفات.
_ والشيخ علي بن محمد بن عبد الوهاب (ت: 1245هـ)، وهو أكبر أبناء الشيخ.
_ والشيخ إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب (ت: 1251هـ). 
ومن تلاميذه:
_ حفيده الشيخ عبدالرحمن بن حسن (ت: 1285هـ).
_ الشيخ حمد بن ناصر بن معمر (ت: 1225هـ).
_ الشيخ حسين بن غنام (ت: 1225هـ).
_الشيخ عبد العزيز الحصين (ت: 1237هـ).
_الشيخ عبد العزيز بن سويلم (ت: 1244هـ). 
_ الشيخ سعيد بن حجي (ت 1229هـ).

مؤلفاته:

ألف الشيخ رحمه الله عدة كتب، منها: 

كتاب التوحيد.
كشف الشبهات.
ثلاثة الأصول. 
مختصر السيرة النبوية.
مختصر الإنصاف والشرح الكبير في الفقه .
نصيحة المسلمين بأحاديث خاتم المرسلين.
كتاب الكبائر.
آداب المشي إلى الصلاة.
أصول الإيمان.
مختصر زاد المعاد.
مختصر صحيح البخاري .
مسائل الجاهلية .
إستنباط من القرآن ( يقع في جزأين ) .
أحاديث الفتن .
وله رسائل عديدة ، وأكثرها في التوحيد .

وفاته:
توفي الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في عام 1206 هـ الموافق 1791م في العيينة بقرب من الرياض، قال ابن غنام في الروضة: كان ابتداء المرض به في شوال، ثم كان وفاته في يوم الاثنين من آخر الشهر. وكذا قال عبد الرحمن بن قاسم في الدرر السنية، أما ابن بشر فيقول: كانت وفاته آخر ذي القعدة من السنة المذكورة. عنوان المجد. وقول ابن غنام أرجح لتقدمه في الزمن على ابن بشر ولمعاصرته له وشهوده زمن وفاته وتدوينه لتاريخه. وكان بلغ من العمر نحو اثنتين وتسعين سنة، وتوفي ولم يخلف ديناراً ولا درهماً، فلم يقسم بين ورثته مال. هو انظر: روضة ابن غنام - وكان بلغ من العمر نحو اثنتين وتسعين سنة، وتوفي ولم يخلف ديناراً ولا درهماً، فلم يقسم بين ورثته مال. هو انظر: الروضة لابن غنام (2/154). والدرر السنية (12/20)، عنوان المجد لابنة بشر (1/95).






نشر :