عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله

من الثابت أن الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله لم يأت الناس بعقيدة جديدة، بل هو عالم عامل بيّن عقيدة السلف الصالح وعمل على تطبيقها ووفق بأنصار أحرار ينصرون عقيدة السلف الصالح عن وعي وإدراك؛ كما قال الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل رحمه الله بعد أن ذكر الإمام ابن تيمية وتلميذه الإمام ابن القيم والشيخ محمد بن عبد الوهاب؛ قال: 

"فلما رأى أسلافنا (يعني: آل سعود) موافقة أقوالهم وأفعالهم (يعني: هؤلاء الأئمة) لما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ قبلوا ذلك، وقاموا بما أظهره الله على أيديهم، ونحن إن شاء الله على سبيلهم ومعتقدهم، نرجوا الله أن يحيينا ويميتنا عليه". ["نجد وملحقاته وسيرة عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود ملك الحجاز ونجد وملحقاتهما"، أمين الريحاني (ص 436)].  

فعقيدة الشيخ رحمه الله هي عقيدة السلف الصالح، على ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والتابعون، والأئمة المهتدون: كأبي حنيفة ومالك، والشافعي، وأحمد، وسفيان الثوري، وابن عيينة، والبخاري، ومسلم، وأبي داود، وسائر أهل السنن وأمثالهم ممن تبعهم من أهل الفقه والأثر كالأشعري، وابن خزيمة، وتقي الدين بن تيمية، وابن القيم، والذهبي رحمهم الله. 


_ بيان معتقد الشيخ في أركان الإيمان:

- الإيمان بالله: 

يعتقد بأن الله هو الحي القادر الخالق، الرازق، المحيي، المميت. 

ويؤمن بأن يفرد ربنا بالعبادة، ولا يشرك به أحد لا ملك مقرب ولا نبي مرسل. 

ويبرأ من عبادة ما سواه كائناً ما كان، وهذا هو الحكمة: التي خلق الله لأجلها الجن والإنس وأرسلت لها الرسل وأنزلت بها الكتب.

ويبرأ من عبادة الأحجار والأشجار والصالحين الأخيار، ويقيم الحجج العقلية والنقلية على أنها شرك وضلال، وكفر بالله ذي الجلال، كقوله تعالى حكاية عن قول الرسل لأقوامهم: {يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إلهً غيره}. {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} 

وكقوله {إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ}.

ويثبت جميع صفات الله العليا، وأسماءه الحسني، كما نطق الكتاب، وجاءت به السنة الصحيحة من صفة العلم والسمع والبصر والقدرة والإرادة، والكلام والاستواء على العرش، والنزول كل ليلة إلى سماء الدنيا، وسائر الصفات الذاتية والفعلية والخبرية؛ يؤمن بها، ويُمرُّها كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل.  

 يقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: 

" وأعتقد أن الإيمان قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان، ومحله بإجماع السلف القلب والجوارح جميعاً كما ذكر الله تعالى في سورة الأنفال وغيرها، والإيمان الذي في القلب والذي في الجوارح يزيد وينقص، يزيد بالأعمال الصالحة وينقص بضدها، وهو بضع وسبعون شعبة أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله وأدناه إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان، وأركانه ستة: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره.

والإيمان بالله هو أن تعتقد أن الله هو الإله المعبود (بحق) وحده دون من سواه، وتخلص جميع أنواع العبادة كلها لله، وتنفيها عن كل معبود سواه، وتحب أهل الإخلاص وتواليهم، وتبغض أهل الشرك وتعاديهم.. وللإيمان حلاوة قد يجدها الإنسان وقد لا يجدها، وهو يتجزأ، ولا يلزم إذا ذهب بعضه أن يذهب كله، ونفيه لا يدل على الخروج من الإسلام.

والبحث عن مسائل التوحيد وتعلمها فرض لازم على العالم والجاهل والمحرم والمحل والذكر والأنثى، وهو ثلاثة أنواع: توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية، وتوحيد الأسماء والصفات".  [فصل الخطاب في بيان عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب/ أحمد بن عبد الكريم نجيب (ص 10)]

_ الإيمان بالملائكة:

يعتقد أن الإيمان بالملائكة هو أحد أركان الإيمان، وأصل من أصوله، لا يصح إيمان عبد ما لم يؤمن به.

يقول الشيخ رحمه الله: " من سادات الملائكة جبريل عليه السلام، وهو شديد القوى، وذو مرة (أي خلق حسن وبهاء وسناء)، وله قوة وبأس شديد، وله مكانة ومنزلة عالية رفيعة عند ذي العرش المجيد، وهو مطاع في الملأ الأعلى، ذو أمانة عظيمة، ولهذا كان السفير بين الله وبين رسله وقد كان يأتي إلى رسول الله في صفات متعددة، وقد رآه على صفته التي خلقه الله عليها مرتين، وله ستمائة جناح، وهو الذي ينتهي بالوحي إلى حيث أمره الله.

ومن ساداتهم ميكائيل عليه السلام، وهو موكل بالقطر والنبات، ومن ساداتهم إسرافيل، وهو أحد حملة العرش، وهو الذي ينفخ في الصور.

ومنهم حملة العرش، ومنهم الكروبيون الذين هم حول العرش، وهم مع حملة العرش أشرف الملائكة وهم المقربون، ومنهم سكان السماوات السبع يعمرونها عبادة دائمة ليلاً ونهاراً، والظاهر أنهم الذين يتعاقبون إلى البيت المعمور". [فصل الخطاب في بيان عقيدة الشيخ محمد بن عبد الوهاب (ص 24)].

_ قول الشيخ في القرآن الكريم:

يذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب ما يعتقده في كلام الله تعالى، والمعجزة الخالدة: (القرآن الكريم) فيقول:

" وأعتقد أن القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود، وأنه تكلم به حقيقة، وأنزله على عبده ورسوله وأمينه على وحيه، وسفيره بينه وبين عباده محمد صلى الله عليه وسلم". " [الشيخ محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية/ آل أبو طامي (47)]. 

_ الإيمان بالرسل: 

يؤمن بجميع أنبياء الله ورسله، لا يفرق بين أحد منهم، ويعتقد أن محمداً أفضلهم، أرسله الله بالآيات الباهرة، والمعجزات الظاهرة، وكرمه بطهارة الأعراق، وحباه محاسن الأخلاق، فمن اتبعه صار من المفلحين، ومن عصاه صار من الأشقياء الخاسرين. 

يقول الشيخ رحمه الله: " أرسل الله جميع الرسل مبشرين ومنذرين، فأولهم نوح عليه السلام، وآخرهم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو خاتم النبيّين، وكل أمة بعث الله إليها رسولاً من نوح إلى محمد يأمرهم بعبادة الله وحده وينهاهم عن عبادة الطاغوت " [ثلاثة الأصول/ الشيخ محمد بن عبد الوهاب (ص 116)].

ويقول رحمه الله: "وَمَعْنَى شَهَادَة أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ: طَاعَتُهُ فِيمَا أَمَرَ، وَتَصْدِيقُهُ فِيمَا أَخْبَرَ، واجْتِنَابُ مَا عنه نهى وزجر، وألا يُعْبَدَ اللهُ إِلا بِمَا شَرَعَ". [ثلاثة الأصول وشروط الصلاة والقواعد الأربع، (ص 15)].

_ الإيمان باليوم الآخر:

ويؤمن باليوم الآخر، وبالبعث بعد الموت، وحساب الله للعباد، وبالميزان والصراط، والجنة والنار، كما ستأتي عقيدته بنصها. 

يقول الشيخ رحمه الله: " والناس إذا ماتوا يبعثون، وبعد البعث محاسبون ومجزيّون بأعمالهم، ومن كذّب بالبعث كفر" [ثلاثة الأصول (ص 115)].

_ الإيمان بالقدر: 

يؤمن بالقدر خيره وشره، ويبرأ مما قالته القدرية النفاثة، والمجبرة المرجئة ويوالي جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهل بيته الطاهرين ويكف عما شجر بينهم. ويعتقد بأفضلية أبي بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم على رضي الله عنهم. 

يذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب عقيدته في الركن السادس من أركان الإيمان فيقول: "وأومن بأن الله فعال لما يريد، ولا يكون شيء إلا بإرادته، ولا يخرج شيء عن مشيئته، وليس شيء في العالم يخرج عن تقديره ولا يصدر إلا عن تدبيره، ولا محيد لأحد عن القدر المحدود ولا يتجاوز ما خط له في اللوح المسطور " [الشيخ محمد بن عبد الوهاب عقيدته السلفية ودعوته الإصلاحية/ آل أبو طامي (47)]. 

_ عقيدته في العلماء: 

يوالي كافة أهل الإسلام وعلمائهم، من أهل الحديث والفقه والتفسير، وأهل الزهد والعبادة، ولاسيما الأئمة الأربعة، ويرى فضلهم وإمامتهم، وأنهم من الفضل والفضائل في غاية ورتبة، ويقصر عنها المتطاول، ولا يرى إيجاب ما قاله المجتهد إلا بدليل تقوم به الحجة من الكتاب والسنة، خلافاً لغلاة المقلدين. 

وعلى هذا القول أجمعت الأئمة الأربعة وغيرهم، كما حكاه ابن عبد البر رحمه الله. 

_ نفيه رحمه الله شبهة التكفير بالعموم:

يقول الشيخ رحمه الله: "وأما القول: إنا نكفر بالعموم فذلك من بهتان الأعداء، الذي يصدون به عن هذا الدين ونقول: سبحانك هذا بهتان عظيم. على أن الذي نعتقد، وندين الله به، ونرجو أن يثبتنا عليه في مسألة المسلم إذا أشرك بالله بعد بلوغ الحجة، أو المسلم الذي يفضل هذا على الموحدين، أو يزعم أنه على حق أو غير ذلك من الكفر الصريح الظاهر الذي بينه الله ورسوله وبينه علماء الأمة أنا نؤمن بما جاءنا عن الله وعن رسوله من تكفيره ولو غلط فيه من غلط؛ إننا نكفر من أشرك بالله في إلهيته بعدما نبين له الحجة على بطلان الشرك، وكذلك نكفر من حسنه للناس، أو أقام الشبه الباطلة على إباحته، وكذلك من قام بسيفه دون هذه المشاهد التي يشرك بالله عندها، وقاتل من أنكرها وسعى في إزالتها والله المستعان.

ولا تظنوا أن الاعتقاد في الصالحين مثل الزنا والسرقة، بل هو عبادة للأصنام من فعله كفر وتبرأ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم. يا عباد الله تفكروا وتذكروا، ونكفر من بان له أن التوحيد هو دين الله ورسوله ثم أبغضه، ونفر الناس عنه وجاهد من صدق الرسول فيه، ومن عرف الشرك، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بإنكاره ثم مدحه وحسنه للناس وزعم أن أهله لا يخطئون لأنهم السواد الأعظم والداعي لغير الله لا تقبل منه الجزية كما تقبل من اليهود، ولا تنكح نساؤهم كما تنكح نساء اليهود لأنه أغلظ كفراً.

ونكفر من أقر بدين الله ورسوله ثم عاداه وصد الناس عنه، وكذلك من عبد الأوثان، بعد ما عرف أنها دين للمشركين وزينه للناس، فهذا الذي نكفره.

ونكفر من عرف دين الرسول ثم بعدما عرفه سبه ونهى الناس عنه، وعادى من فعله.

وكذا الذي يتكلم بالكفر أو يعمل به خوفاً من نقص مال أو جاه أو مداراة لأحد فهذا أعظم ممن يتكلم بكلمة يمزح بها، ولم يعذر الله من هؤلاء إلا من أكره مع كون قلبه مطمئناً بالإيمان، وأما غير هذا فقد كفر بعد إيمانه، سواء فعله على خوف أو مداراة، أو مشحة بوطنه، أو أهله، أو عشيرته، أو ماله، أو فعله على وجه المزح أو لغير ذلك من الأغراض إلا المكره، ومعلوم أن الإنسان لايكره إلا على الكلام والفعل وأما عقيدة القلب فلا يكره عليها أحد".

- قوله رحمه الله في الحكم على المعين:

وإني لا أعتقد كفر من كان عند الله مسلماً، ولا إسلام من كان عنده كافراًن بل أعتقد أن من كان عنده كافراً كافر.

ولا أشهد لأحد من المسلمين بجنة ولا نار إلا من شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنني أرجو للمسلم وأخاف على المسيء.

- قوله رحمه الله في العذر بالجهل حتى تقوم الحجة:

ولا نكفر من عبد الصنم الذي على قبر عبد القادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي، وأمثالهما، لأجل جهلهم وعدم من ينبههم ونكفره بعد التعريف إذا عرف وأنكر، والذي يدعي الإسلام وهو يفعل من الشرك الأمور العظام، فإذا عليت عليه آيات الله استكبر عنها فليس هذا بالمسلم، وأما الإنسان الذي يفعلها بجهالة، ولم يتيسر له من ينصحه، ولم يطلب العلم الذي أنزله الله على رسوله، بل أخلد إلى الأرض واتبع هواه فلا أدري ما حاله.

علماً أن من لم تقم عليه الحجة هو حديث العهد بالإسلام، والذي نشأ ببادية، أو يكون ذلك في مسألة خفية، مثل الصرف والعطف فلا يكفر حتى يعرف.

وأما أصول الدين التي أوضحها الله في كتابه فإن حجة الله هي القرآن فمن بلغه القرآن فقد بلغته الحجة.

وأكثر الكفار والمنافقين لم يفهموا حجة الله مع قيامهم عليهم.. وقيام الحجة وبلوغها نوع، وفهمهم إياها نوع آخر، وكفرهم ببلوغها إياهم، وإن لم يفهموها نوع آخر.

- قوله رحمه الله في كفر دون كفر:

وما أطلق الشارع كفره بالذنوب فقول الجمهور: أنه لا يخرج من الملة وقال الإمام أحمد: أمروها كما جاءت يعني لا يقال يخرج ولا يخرج، وما سوى هذين القولين غير صحيح، ومعنى (كفر دون كفر) أنه ليس يخرج من الملة مع كبره.

- قوله رحمه الله في عدم التكفير بالذنب:

أركان الإسلام الخمسة أولها الشهادتان ثم الأركان الأربعة، فالأربعة إذا أقر بها وتركها تهاوناً فنحن وإن قاتلناه على فعلها  فلا تكفره بتركها، ولا أكفر أحداً بذنب ولا أخرجه من دائرة الإسلام.

- قوله رحمه الله في الحكم بالظاهر دون السرائر:

لو عرف منه النفاق فما أظهر - أي من أعمال أهل الإيمان - يحمي دمه، وماله والرجل إذا أظهر الإسلام وجب الكف عنه حتى يتبين منه ما يخالف ذلك، وأهل البدع أحكم عليهم بالظاهر وأكل سرائرهم إلى الله .

- قوله رحمه الله في الردة عن الإسلام:

ويقول: "نشهد الله على ما يعلمه من قلوبنا بأن من عمل بالتوحيد وتبرأ من الشرك وأهله، فهو المسلم في أي زمان ومكان"، ولا يقول: إن من تبع دين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ما يكفيه حتى يجيء عندنا ويوالينا. ولا يقول: إن الذي ما يدخل تحت طاعتي؛ فهو كافر. ولا يقول: إنه مبطل مذاهب أهل السنة والجماعة، وإنه ليس لهم كتب إلا ما بيده، وليس لهم علماء إلا من شهد له بالعلم... لا بقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب هذا ولا غيره مما وصفه به أعداء الحق، وليس من عقيدته ذلك، بل مراده اتباع دين الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وإظهاره في أي أرض وطائفة كانت ومن أي جهة". انظر: "مؤلفات الشيخ" [(القسم الخامس، الشخصية، رقم 10، ص 60، ورقم 9، ص 58، ورقم 1، ص 12، ورقم 11، ص 64)].

_ رسائله التي تبين عقيدته رحمه الله:

_ رسالته إلى أهل القصيم: 

قال رحمه الله بعد البسملة: 

"أُشهِد الله ومن حضرني من الملائكة، وأُشهدكم أني أعتقد ما أعتقده أهل السنة والجماعة، من الإيمان بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت، والإيمان بالقدر، خيره وشره. 

ومن الإيمان بالله، الإيمان بما وصف به نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، من غير تحريف ولا تعطيل، بل أعتقد أن الله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}.

فلا أنفى عنه، ما وصف به نفسه، ولا أحرف الكلم عن مواضعه، ولا ألحد في أسمائه وآياته، ولا أكيف ولا أمثل صفاته بصفات خلقه، لأن تعالى لا سمي له ولا كفء، ولا ند له، ولا يقاس بخلقه، فإنه سبحانه وتعالى أعلم بنفسه وبغيره، وأصدق قليلاً، وأحسن حديثاً. 

فنزه نفسه عما وصفه به المخالفون من أهل التكييف والتمثيل، وعما نفاه عنه النافون، من أهل التحريف والتعطيل. فقال تعالى {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ *وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}.

فالفرقة الناجية، وسط في باب أفعاله تعالى، بين القدرية والجبرية . 

وهم وسط في باب وعيد الله، بين المرجئة والوعيدية. 

وهم وسط في باب الإيمان والدين، بين الحرورية والمعتزلة وبين المرجئة والجهمية. 

وهم وسط في باب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الروافض والخوارج  .

وأعتقد أن القرآن كلام الله، منزل غير مخلوق، منه بدأ، وإليه يعود، وأنه تكلم به حقيقة، وأنزله على عبده ورسوله وأمنيه على وحيه، وسفيره بينه وبين عباده. نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. 

وأومن بأن الله فعال لما يريد، ولا يكون شيء إلا بإرادته، ولا يخرج عن مشيئته وليس شيء في العالم يخرج عن تقديره، ولا يصدر إلا عن تدبيره، ولا محيد لأحد عن القدر المحدود، ولا يتجاوز ما خُط له في اللوح المسطور. 

وأعتقد بكل ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت. 

وأومن بفتنة القبر ونعيمه، وبإعادة الأرواح إلى الأجساد، فيقوم الناس لرب العالمين، حفاة، عراة، غرلا، وتدنو منهم الشمس، وتنصب الموازين، وتوزن به أعمال العباد {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ **وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ}. 

وتنشر الدواوين، فآخذ كتابه بيمينه، وآخذ كتابه بشماله. 

وأومن بحوض نبينا محمد صلى إله عليه وسلم بعرصة القيامة، ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء، من شرب منه شربة، لم يظمأ بعدها أبداً. 

وأومن بأن الصراط منصوب على شفير جهنم، يمر به الناس على قدر أعمالهم وأومن بشفاعة النبي صلى إله عليه وسلم، وأنه أول شافع، وأول مشفع. 

ولا ينكر شفاعة النبي إلا أهل البدع والضلال. 

ولكنها لا يكون إلا من بعد الإذن والرضا، كما قال الله تعالى {وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} وقال {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِه} وقال تعالى {وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَاوَاتِ لا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى}.

وهو لا يرضي إلا التوحيد، ولا يأذن إلا لأهله. 

وأما المشركون، فليس لهم في الشفاعة نصيب كما قال تعالى {فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ}. 

وأومن بأن الجنة والنار مخلوقتان، وأنهما – اليوم – موجودتان وأنهما لا يفنيان. 

وأن المؤمنين يرون ربهم بأبصارهم يوم القيامة، كما يرون القمر ليلة البدر، لا يضامون في رؤيته. 

وأومن بأن نبينا محمداً صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين والمرسلين، ولا يصح إيمان عبد حتى يؤمن برسالته، ويشهد بنبوته. 

وأفضل أمته أبو بكر الصديق، ثم عمر الفاروق، ثم عثمان ذو النورين، ثم على المرتضي، ثم بقية العشرة، ثم أهل بدر، ثم أهل الشجرة – أهل بيعة الرضوان – ثم سائر الصحابة رضي الله عنهم. 

وأتولى أصحاب رسول الله، وأذكر محاسنهم، وأستغفر لهم، وأكف عن مساوئهم، وأسكت عما شجر بينهم. 

وأعتقد فضلهم، عملاً بقوله تعالى {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ}.

وأترضى عن أمهات المؤمنين، المطهرات من كل سوء.

وأفر بكرامات الأولياء، إلا أنهم لا يستحقون من حق الله شيئاً، ولا أشهد لأحد من المسلمين بجنة ولا نار، إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكني أرجو للمحسن، وأخاف على المسيء. 

ولا أكفر أحداً من المسلمين بذنبه، ولا أخرجه من دائرة الإسلام. 

وأرى الجهاد ماضياً مع كل إمام، براً كان أو فاجراً، وصلاة الجماعة خلفهم جائزة. 

والجهاد ماض، منذ بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم إلى أن يقاتل آخر هذه الأمة الدجال، لا يبطله جور جائز، ولا عدل عادل.

وأرى وجوب السمع والطاعة لأئمة المسلمين، برهم وفاجرهم ما لم يأمروا بمعصية الله. 

ومن ولي الخلافة، واجتمع عليه الناس، ورضوا به، أو غلبهم بسيفه، حتى صار خليفة، وجبت طاعته، وحرم الخروج عليه. 

وأرى هجر أهل البدع ومباينتهم، حتى يتوبوا، وأحكم عليهم بالظاهر، وأكل سرائرهم إلى الله. 

وأعتقد أن كل محدثة في الدين بدعة. 

وأعتقد أن الإيمان، قول باللسان، وعمل بالأركان، واعتقاد بالجنان، يزيد بالطاعة، وينقص بالمعصية، وهو بضع وسبعون شعبة أعلاها، شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق. 

وأرى وجوب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، على ما توجبه الشريعة المحمدية الطاهرة. 

فهذه عقيدة وجيزة، حررتها وأنا مشتغل البال، لتطلعوا على ما عندي، والله على ما نقول وكيل". 

_ رسالته إلى السويدي من علماء العراق، جواباً لما سأله عما يقول الناس فيه: 

قال بعد البسملة: "من محمد بن عبد الوهاب إلى الأخ في الله عبد الرحمن بن عبد الله. 

سلام عليكم ورحمة الله وبركاته: أما بعد، فقد وصل إلى كتابك وسر الخاطر، جعلك الله من أئمة المتقين، ومن الدعاة إلى دين سيد المرسلين، وأُخبرك أني – ولله الحمد – متبع لست مبتدعاً. 

عقيدتي وديني، الذي أدين الله به: هو مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة.

ولكني بينت للناس إخلاص الدين لله، ونهيتهم عن دعوة الأحياء والأموات من الصالحين وغيرهم، وعن إشراكهم فيما يعبد الله به، من الذبح، والنذر، والتوكل، والسجود، وغير ذلك، مما هو حق الله، الذي لا يشركه فيه أحد لا ملك مقرب، ولا نبي مرسل. وهو الذي دعت إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة.

وبينت لهم أن أول من أدخل الشرك في هذه الأمة، هم الرافضة الذين يدعون علياً وغيره، ويطلبون منهم قضاء الحاجات، وتفرج الكربات. 

وأنا صاحب منصب في قريتي مسموع الكلمة. فأنكر هذا بعض الرؤساء، لكونه خالف عادات نشأوا عليها، وألزمت من تحت يدي بإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وغير ذلك من فرائض الله، ونهيتهم عن الربا، وشرب المسكر، وأنواع المسكرات. 

فلم يمكن الرؤساء، القدح في هذا وعيبه، لكونه مستحسناً عند العوام، فجعلوا قدحهم وعداوتهم، فيما أمرت به من التوحيد، ونهيت عن الشرك ولبسوا على العوام، أن هذا خلاف ما عليه أكثر الناس، ونسبوا إلينا أنواع المفتريات، فكبرت الفتنة، وأجلبوا علينا بخيل الشيطان ورجله. 

فمنها إشاعة البهتان كما ذكرتم أني أكفر جميع الناس، إلا من اتبعني وأزعم أن أنكحتهم غير صحيحة. 

فيا عجباً، كيف يدخل هذا في عقل عاقل؟ وهل يقول هذا مسلم؟! إني أبرأ إلى الله من هذا القول الذي ما يصدر إلا عن مختل العقل. 

والحاصل أن ما ذكر عني – غير دعوة الناس إلى التوحيد، والنهي عن الشرك – فكله من البهتان..".          

 _ رسالته إلى أهل المغرب:

بعد أن ساق آيات وأحاديث على وجوب اتباع السنة وترك البدع والمحدثات، وإخبار النبي صلى الله عليه وسلم أن أمته تأخذ مأخذ القرون قلبها ((شبراً بشبر وذراعاً)) ولابد أن تفترق كالأمم السالفة، وأن الناجية من كان على مثل ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه. 

قال: "إذا عرف هذا، فمعلوم، ما علمت به البلوى من حوادث الأمور التي أعظمها، الإشراك بالله والتوجه إلى الموتى، وسؤالهم النصر على الأعداء، وقضاء الحاجات، وتفريج الكربات، التي لا يقدر عليها إلا رب السماوات، وكذلك التقرب إليهم بالنذور، وذبح القربان، والاستغاثة بهم في كشف الشدائد، وجلب الفوائد، إلى غير ذلك من أنواع العبادة، التي لا تصلح إلا لله. 

وصرف شيء من أنواع العبادة لغير الله، كصرف جميعها، لأنه سبحانه أغني الشركاء عن الشرك، ولا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً، كما قال الله تعالى {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ ** أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}. 

فأخبر الله سبحانه أنه لا يرضي من الدين إلا ما كان خالصاً لوجهه. 

وأخبر أن المشرك يدعون الملائكة والأنبياء والصالحين، ليقربوهم إلى الله زلفى ويشفعوا لهم. 

وأخبر أنه لا يهدي من هو كاذب كفار، فكذبهم في هذه الدعوى، وكفرهم فقال [إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار]".

_ رسالته في الأسماء والصفات: 

"بعد البسملة والحمد لله: الذي نعتقد وندين الله به، هو مذهب سلف الأمة وأئمتها من الصحابة والتابعين، والتابعين لهم بإحسان من الأئمة الأربعة وأصحابهم رضي الله عنهم. 

وهو الإيمان بآيات الصفات وأحاديثها، والإقرار بها، وإمرارها كما جاءت من غير تشبيه ولا تمثيل له، ولا تعطيل، قال الله تعالى {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيراً}. 

وقدر الله لأصحابه نبيه ومن تبعهم بإحسان، الإيمان، فعلم قطعاً أنهم الماردون بالآية الكريمة. 

قال الله تعالى {وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ}. 

وقال الله تعالى {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} الآية. 

فثبت بالكتاب أن من اتبع سبيلهم، فهو على الحق، ومن خالفهم، فهو على الباطل. 

فمن سبيلهم في الاعتقاد: الإيمان بصفات الله وأسمائه التي وصف بها نفسه، وسمي بها نفسه في كتابه وتنزيله أو على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم من غير زيادة عليها ولا نقصان منها، ولا تجاوز لها، ولا تفسير، ولا تأويل لها، بما يخالف ظاهرها، ولا تُشبهُ بصفات المخلوقين، بل أقروها كما جاءت. وردُّوا علمها إلى قائلها، ومعناها، إلى المتكلم بها . 

وأخذ ذلك الآخر عن الأول: ووصَّي بعضهم بعضاً بحسن الاتباع، وحذرونا من اتباع طريق أهل البدع والاختلاف الذي قال الله فيهم {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} وقال {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}. 

والدليل على أن مذهبهم ما ذكرنا أنهم نقلوا إلينا القرآن العظيم، وأخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم، نقل مصدق لها، مؤمن بها، قابل لها، غير مرتاب فيها، ولا شاك في صدق قائلها ولم يؤولوا ما يتعلق بالصفات منها. 

ولم يشبهوه بصفات المخلوقين، إذا لو فعلوا شيئاً من ذلك لنقل عنهم، بل زجروا من سأل عن المتشابه، وبالغوا في كفه تارة بالقول العنيف، وتارة بالضرب. 

ولما سئل مالك رحمه الله عن الاستواء: أجاب بمقالته المشهورة: وأمر بإخراج الرجل. 

وهذا الجواب من مالك في الاستواء، شاف كاف، في جميع الصفات، مثل النزول والمجيء، واليد، والوجه، وغيرها. 

فيقال في النزول: النزول معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة. وهكذا يقال في سائر الصفات، إذ هي بمثابة الاستواء، الوارد به الكتاب والسنة.

وثبت عن الربيع بن سليمان قال: سألت الشافعي (رضي الله عنه) عن صفات الله، فقال: حرام على العقول أن تمثل الله، وعلى الأوهام أن تحده، وعلى الظنون أن تقطع، وعلى النفوس أن تفكر، وعلى الضمائر أن تتعمق، وعلى الخواطر أن تحيط، وعلى العقول أن تعقل، إلا ما وصف به نفسه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم. 

وثبت عن إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني أنه قال: إن أصحاب الحديث المتمسكين بالكتاب والسنة، يصفون ربهم بصفاته التي نطق بها كتابه وتنزيله، وشهد له بها رسوله صلى الله عليه وسلم على ما وردت به الأخبار الصحاح، ونقلته العدول الثقات، ولا يعتقدون بها تشبيهاً بصفات خلقه، ولا يكيفونها تكييف المشبهة، ولا يحرفون الكلم عن مواضعه تحريف المعتزلة والجهمية. 

وقد أعاذ الله أهل السنة من التحريف والتكييف ومنَّ عليهم بالتفهيم والتعريف، حتى سلكوا سبيل التوحيد والتنزيه وتركوا القول بالتعطيل والتشبيه، واكتفوا في نفي النقائض بقوله عز وجل {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}. وبقوله {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ {3} وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ}.

وثبت عن الحميدي شيخ البخاري وغيره، من أئمة الحديث أنه قال: أصول السنة، فذكر أشياء وقال ما نطق به القرآن والحديث مثل: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَة} ومثل {وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}. وما أشبه هذا من القرآن والحديث، لا نرده، ولا نفسره. ونقف على ما وقف عليه القرآن والسنة. 

ونقول: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى}. ومن زعم غير هذا فهو جهمي. 

فمذهب السلف رحمة الله عليهم إثبات الصفات وإجراؤها على ظاهرها، ونفي الكيفية عنها، لأن الكلام في الصفات، فرع عن الكلام في الذات، كما أن إثبات الذات، إثبات وجود، لا إثبات كيفية، ولا تشبيه، فكذلك الصفات، وعلى هذا مضي السلف كلهم. 

ولو ذهبنا نذكر، ما أطلعنا عليه من كلام السلف في ذلك، لطال الكلام جداً فمن كان قصده الحق، وإظهار الصواب، اكتفى بما قدمناه. 

ومن كان قصده الجدال والقيل والقال لم يزده التطويل إلا الخروج عن سواء السبيل، والله الموفق". 

هذا مجمل معتقد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله من نظر إليه بعين الأنصاف وجده نفس معتقد السلف الصالح من الصحابة والتابعين وأئمة المسلمين.





نشر :