هل كفر الشيخ محمد بن عبد الوهاب من لم يدخُل تحتَ طاعتِه ولم يهاجِر إليه؟!

إبراهيم بن محمد صديق

من المسائل التي اتُّهم بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب أنَّه يُكفِّر من لا يدخل تحتَ طاعتِه، ويكفِّر من لم يهاجِر إليه، وهذهِ القضيَّة قد شاعت ولَبَّس بعضُ النَّاس بها على المسلمين حتى التبسَ على الشوكاني رحمه الله بعد أن كان يمدح هذه الدعوة فقد قال: “ولكنَّهم يرونَ أنَّ من لم يكن داخلًا تحت دولة صاحب نجد وممتثلًا لأوامره خارجٌ عن الإسلام”، إلا أنَّ الشيخ محمَّد بن عبد الوهاب ينفي ذلك عن نفسه فيقولُ في رسالةٍ له: “من محمَّد بن عبد الوهاب إلى من يصلُ إليه من المُسلمين، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد: ما ذكر لكم عنِّي: أني أكفر بالعموم، فهذا من بهتانِ الأعداء، وكذلك قولهم: إنِّي أقول من تبع دين الله ورسوله وهو ساكن في بلده أنَّه ما يكفيه حتى يجيء عندي، فهذا أيضًا من البهتان؛ إنما المراد اتباع دين الله ورسوله، في أي أرضٍ كانت”.

ويربط الشيخ محمد بن عبد الوهاب بين هذه المسألة ومسألة قيام الحجة، فإنَّه إن كان لا يكفِّر من لم تقم عليه الحجَّة وهو متلبس بأعمال كفرية، فإنَّه من باب أولى لا يكفِّر من لم يتلبَّس بتلك الأعمال لكنَّه لم يُهاجر! يقولُ رحمه الله: “وإذا كنَّا لا نكفِّر من عبدَ الصنم الذي على عبد القادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي، وأمثالهما؛ لأجل جهلهم وعدم من ينبههم، فكيف نكفِّر من لم يشرك بالله إذا لم يهاجر إلينا، أو لم يكفر ويقاتل؟! سُبحانَكَ هذا بُهتانٌ عَظِيم“.

وأيُّ نصٍّ أصرح من أن يقول الشيخ رحمه الله: إن المسلم هو من اتَّبع دين الله ورسوله في أي زمانٍ ومكان؟! يقول رحمه الله: “وكذلك تمويهه على الطغام بأن ابن عبد الوهَّاب يقول: الذي ما يدخُل تحت طاعتي كافر، ونقول: سبحانك هذا بهتان عظيم! بل نشهِد الله على ما يعلمه من قلوبنا بأن من عمِل بالتوحيد، وتبرَّأ من الشِّرك وأهله، فهُو المسلم في أي زمان وأيِّ مكان”، ويقول أيضا رحمه الله: “وأما الكذب والبهتان فمثل قولهم: إنا نكفر بالعموم، ونوجب الهجرة إلينا على من قدر على إظهار دينه، وإنا نكفر من لم يكفِّر، ومن لم يقاتِل، ومثل هذا وأضعاف أضعافه، فكل هذا من الكذب والبهتان الذي يصدُّون به الناس عن دين الله ورسوله”.

ويتبيَّن من خلال تصريحاتِ الشَّيخ نفسه أنَّه لا يكفِّر من لم يهاجر إليه، وإنما يرى أن المسلم هو من اتبع دين الله ورسوله في أي مكان كان. ومن الغريب أنَّ المشنِّعين يقفزون على كلِّ هذه النُّصوص ليقرِّروا نيابةً عن الشيخ بأنه يكفِّر من لم يهاجر إليه!

نشر :