السلفيون منطلقهم شرعي لذلك يفرحون بما حدث من سقوط للبناء على قبر إسماعيل الولي


عبدالله بن محمد الحساني

الحمد لله وصلى الله على مصطفاه و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

 أما بعد: فقد كتب الدكتور صلاح الدين الخنجر مقالاً عنونه بقوله ( قبة الشيخ إسماعيل الولي وسقوط الوهابية) وهو كعادته في كتاباته يشرق مغرِّباً والعلم والحق في الشرق وهذه تعليقات يسيرة على مقاله :

ابتدأ الخنجر مقاله بذكر آية سورة الكهف: ” ﴿وَكَذلِكَ أَعثَرنا عَلَيهِم لِيَعلَموا أَنَّ وَعدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السّاعَةَ لا رَيبَ فيها إِذ يَتَنازَعونَ بَينَهُم أَمرَهُم فَقالُوا ابنوا عَلَيهِم بُنيانًا رَبُّهُم أَعلَمُ بِهِم قالَ الَّذينَ غَلَبوا عَلى أَمرِهِم لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيهِم مَسجِدًا﴾ [الكهف: ٢١].

ولعل الخنجر ابتدأ بها للاستدلال على جواز البناء على القبور ولكن الآية تدل على ضد قصده فإن الله تعالى لم يذكر أن من أمر بالبناء عليها مسجداً هم أهل الإيمان بل هم أهل الغلبة والكثرة منهم بل ذكر أهل التفسير في أحد أقوالهم أن الآمرين بالبناء عليهم مسجداً هم أهل الشرك.
ثم أن المذكور هو فعل أناس قبلنا يخالف الموجود في شرعنا فلا يعمل به.

وقد فهم أهل العلم من هذه الآية المنع من البناء على القبور :
قال الحافظ ابن رجب في ” فتح الباري في شرح البخاري “حديث لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد “.

((وقد دل القرآن على مثل ما دل عليه هذا الحديث ، وهو قول الله عز وجل في قصة أصحاب الكهف: {قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجداً} فجعل اتخاذ القبور على المساجد من فعل أهل الغلبة على الأمور ، وذلك يشعر بان مستنده القهر والغلبة واتباع الهوى وأنه ليس من فعل أهل العلم والفضل المنتصر لما أنزل الله على رسله من الهدى ” .

وقال المحقق الآلوسي في تفسيره “روح المعاني” (5/31) ” واستدل بالآية على جواز البناء على قبور العلماء واتخاذ مسجد عليها ، وجواز الصلاة في ذلك ! وممن ذكر ذلك الشهاب الخفاجي في حواشيه على البيضاوي ، وهو قول باطل عاطل ، فاسد كاسد ) .

ثم قال الخنجر : ” إن ولاية الشيخ إسماعيل الولي لا تحتاج إلى دليل وبرهان وذلك لارتباطه بالولاية وارتباط الولاية به ” :
وقوله هذا من التألي على الله عز وجل وحكمه له بالولاية جزماً هكذا هو حكم له بالجنة وهو من جنس الحكم بالشهادة لشخص معين وهذا مما لا يصح شرعاً ، قَالَ البخاري رحمه الله في صحيحه: باب لا يقال فلان شهيد قال الحافظ ابن حجر عند تعليقه على قول البخاري هذا: ” أي على سبيل القطع بذلك إلا إن كان بالوحي ” فالقطع بالولاية والشهادة لأحد معين شرعاً لا يصح إلا بالوحي وليس مع الخنجر وحي إلا التألي والتقول على الله عز وجل.

 ومما يزيد الأمر وضوحاً وأنه لا يصح أن يجزم لأحد بالولاية قول الله تعالى: ﴿أَلا إِنَّ أَولِياءَ اللَّهِ لا خَوفٌ عَلَيهِم وَلا هُم يَحزَنون َ۝ الَّذينَ آمَنوا وَكانوا يَتَّقونَ﴾
[يونس: ٦٢-٦٣] فإنه تعالى قد جعل للولاية شرطين هما :
1- الإيمان.
2- والتقوى.

و حقيقة الإيمان والتقوى عمل غيبي في القلب لا يعلمه إلا الله وحده. قال تعالى: ﴿قالَتِ الأَعرابُ آمَنّا قُل لَم تُؤمِنوا وَلكِن قولوا أَسلَمنا وَلَمّا يَدخُلِ الإيمانُ في قُلوبِكُم وَإِن تُطيعُوا اللَّهَ وَرَسولَهُ لا يَلِتكُم مِن أَعمالِكُم شَيئًا إِنَّ اللَّهَ غَفورٌ رَحيمٌ﴾ [الحجرات: ١٤] فبين تعالى أن الإيمان لم يدخل قلبهم بعد مما يدل على أنه لا يعلم حقيقة المتخلق به إلا الله وحده فهو في عمل قلبي.

و التقوى أمرها كذلك قال مسلم في صحيحه: 2564 ( 32 ) حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ – يَعْنِي ابْنَ قَيْسٍ – عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” لَا تَحَاسَدُوا، وَلَاتَنَاجَشُوا ، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا ، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْض ٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ ؛ لَا يَظْلِمُهُ، وَلَا يَخْذُلُهُ ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنَا – وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ -… الحديث ” فبين صلى الله عليه وسلم أن التقوى كذلك حقيقتها في القلب ومافي القلب غيب لا يعلمه إلا الله وحده وليس للخنجر ولا غيره دخل في ذلك ولا علم به.

ثم قال الخنجر: ” والوهابية بأجمعهم على قلب رجل واحد في مسألة الأضرحة والقباب، ولهم فجور وفسوق وخروج حتى على قبة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وأقوالهم في ذلك استحيي من ذكرها واكتفي بما قاله التقلاوي في كتابه العقيدة: ( من أفضل الأعمال التي يتقرب بها إلى الله أن تهدم قبة محمد) ولسنا بعيدين من فتاوى ابن باز وابن عثيمين والفوزان والجبرين والتويجري ومن قبلهم قائد مسيرة ابن عبدالوهاب…) فيقال :

أولاً: صدقت وانت كذوب في قولك أن أهل السنة على قلب رجل واحد في مسألة القبور والأضرحة فهم وقائدهم الأعظم صلى الله عليه وسلم يرون أن القباب والأضرحة لا تصح في دين الإسلام وأنها وسيلة للشرك بالله عز وجل ومن هدي اليهود والنصارى ومما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وجعل كلمة السلفيين واحدة في هذه الأضرحة :

1- عَنْ أَبي هُرَيْرَة َ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالَ: « قاتلَ الله ُ اليَهُوْدَ، اتخذُوْا قبوْرَ أَنبيَائِهمْ مَسَاجِد » البخاري ومسلم
2- و عَنْ عَائِشَة َ رَضِيَ الله ُعَنْهَا قالتْ: (لمّا نزِلَ برَسُوْل ِاللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طفِقَ يَطرَحُ خَمِيْصَة ً لهُ عَلى وَجْههِ، فإذا اغتمَّ بهَا كشفهَا عَنْ وَجْههِ فقالَ وَهُوَ كذَلِك َ: « لعْنَة ُ اللهِ عَلى الْيَهُوْدِ وَالنَّصَارَى، اتخذُوْا قبوْرَ أَنبيَائِهمْ مَسَاجِد َ» يُحَذِّرُ مَا صَنعُوْا، لوْلا ذلِك َ أُبرِزَ قبْرُهُ، غيْرَ أَنهُ خَشِيَ أَنْ يُتَّخذَ مَسْجِدًا). البخاري ومسلم
3- عَنْ جُنْدُبِ بْن ِ عَبْدِ اللهِ البَجَلِيِّ رَضِيَ الله ُعَنْهُ قالَ: سَمِعْتُ النَّبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبْلَ أَنْ يَمُوْتَ بخمْس ٍ وَهُوَ يقوْلُ: «إني أَبرَأُ إلى اللهِ أَنْ يَكوْنَ لِي مِنْكمْ خَلِيْلٌ، فإنَّ الله َ تَعَالىَ قدِ اتخذَني خَلِيْلا ً، كمَا اتخذَ إبْرَاهِيْمَ خَلِيْلا ً، وَلوْ كنتُ مُتخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيْلا ً، لاتخذْتُ أَبا بَكرٍ خَلِيْلا ً. أَلا وَإنَّ مَنْ كانَ قبْلكمْ كانوْا يتخذُوْنَ قبوْرَ أَنْبيَائِهمْ وَصَالِحِيْهمْ مَسَاجِدَ، أَلا فلا تتخِذُوْا الْقبُوْرَ مَسَاجِدَ، إني أَنهَاكمْ عَنْ ذلك» رَوَاهُ مُسْلِمٌ
4- َعَنْ عَبْدِ اللهِ بْن ِمَسْعُوْدٍ قالَ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقوْلُ: «إنّ مِنْ شِرَارِ الناس ِ، مَنْ تدْرِكهُمُ السّاعَة ُ وَهُمْ أَحْياءٌ، وَمَنْ يَتَّخِذُ القبوْرَ مَسَاجِد» رَوَاهُ أَحْمَدُ فِي «المسْنَدِ» ، وَأَبوْ حَاتِمٍ ابْنُ حِبّانَ فِي «صَحِيْحِه» .
5- عن أبي الهياج الأسدي قال : قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك ‏على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” أن لا تدع تمثالا إلا طمسته ، ‏ولا قبراً مشرفا إلا سويته ” .‏ رواه مسلم.
6- عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال :
” نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجصص القبر وأن يقعد عليه وأن يبني عليه ” رواه مسلم.

ثانياً: ما نقله عن التقلاوي إن كان صحيحاً فهو خطأ منه عفا الله عنه وإن لم يصح وهذا هو الظن بالخنجر فإنه يتعمد الكذب والتحريف فهو خصمك بين يدي الله.

ثالثاً: ما ذكره من سب وشتم للمشايخ أعلاه يقال للخنجر هذه مصنفات هؤلاء المشايخ كن شجاعاً وأخرج ما فيها من خلل ومخالفة لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم أما أن تأتي كل مرة تسب وتشتم وتقول أنهم تكفيريون فهذا زمانه ولى وعهد انقضى ولن ينطلي إلا على درويش مثلك يجعل الرقص وضرب الدفوف دينه وهديه، أما عموم المسلمين فقد تجاوزوا ذلك ولله الحمد.

ثم قال: ” ماهو المفرح بالنسبة للجماعات الوهابية؟” يقال:
1- المفرح أن هذا البناء على القبر لا يحبه الله ويبغضه رسول الله صلى الله عليه وسلم وبوقوع هذه القبة ظهر عجز إسماعيل الولي والبرعي والخنجر وذلك أن عامة السلفيين لا يعرفون اسماعيل الولي إلا من خلال بيت البرعي المشؤوم الذي يأمر فيه الناس عند نزول البلايا أن يكون الملجأ اسماعيل الولي وكذلك ختمت بهذا البيت كتابتك فقول البرعي:

إن ناب خطب في البلاد نزيل ** فقل ياولي الله اسماعيل.

مصادم للقرآن ومصادم للسنة.
والخطب وقع لقبر اسماعيل الولي فلم يدفعه عن نفسه فظهر عجزه وجهل البرعي بدين الله وكذلك أنت وأنكما من دعاة الشرك والضلالة.
2- أن ظهور عجز هذه الأثان يريح القلب فيفرح المسلم بهدمها
أخرج البخاري ومسلم من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا تريحني من ذي الخلصة ) ، وكان ذو الخلصة بيتاً باليمن لخثعم وبجيلة فيه نصب تعبد يقال لها : الكعبة .

قال ابن حجر رحمه الله :
” …. والمراد بالراحة ، راحة القلب ، وما كان شئ أتعب لقلب النبي صلى الله عليه وسلم من بقاء مايشرك به من دون الله تعالى ” . فتح الباري (8- 72).
نشر :